تسوية المنازعات التجارية في المغرب: التقاضي مقابل التحكيم

نشر في يونيو 2, 2025

تسوية المنازعات التجارية في المغرب: التقاضي مقابل التحكيم

يمكن التعامل مع المنازعات التجارية في المغرب وحلها من خلال قنوات مختلفة، في المقام الأول من خلال المحاكم الحكومية (التقاضي القضائي) أو عن طريق التحكيم، وهو وسيلة بديلة لتسوية المنازعات.

المسار القضائي (التقاضي أمام المحاكم التجارية)

تقع المنازعات بين التجار أو المتعلقة بالأعمال التجارية، في المرحلة الابتدائية، ضمن اختصاص المحاكم التجارية. أُنشئت هذه المحاكم المتخصصة في المغرب بموجب القانون رقم 53-95 (الذي يشكل القانون التجاري) وهي موجودة في المدن الرئيسية مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة وغيرها.

الإجراء النموذجي: غالبًا ما تبدأ الإجراءات أمام المحاكم التجارية بمحاولة توفيق، وهي إلزامية حتى في بعض المسائل، أو من خلال إجراءات سريعة مثل أمر الأداء للديون المؤكدة والسائلة والمستحقة. إذا فشل التوفيق أو إذا تطلبت طبيعة النزاع ذلك، يُحكم في القضية بناءً على وقائعها بعد تبادل المذكرات المكتوبة (الالتماسات والمذكرات) بين الأطراف. يمكن أن تكون مدة الإجراءات القانونية طويلة نسبيًا، تمتد أحيانًا من سنة إلى ثلاث سنوات، أو حتى أطول في حالة الاستئناف. قرارات المحاكم التجارية قابلة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف التجارية (أو الغرفة التجارية لمحكمة الاستئناف). كملاذ أخير، يمكن تقديم طعن بالنقض أمام محكمة النقض المغربية (على سبيل المثال، وفقًا للمادة 74 من ظهير الالتزامات والعقود لبعض الجوانب).

المزايا والعيوب: يوفر اللجوء إلى المحاكم الحكومية اليقين القانوني لنظام مؤسسي له طرق استئناف ثابتة. القضاة في المحاكم التجارية متخصصون في المسائل التجارية. ومع ذلك، تكون الجلسات علنية بشكل عام، مما قد لا يناسب النزاعات التي تتطلب السرية. علاوة على ذلك، على الرغم من تخصصهم، قد لا يمتلك القضاة دائمًا خبرة فنية متعمقة في قطاعات محددة للغاية. من الممكن الحصول على تدابير مؤقتة (مثل الرهن القضائي أو الحجز التحفظي) قبل المحاكمة أو خلالها لتأمين التنفيذ المستقبلي للحكم.

التحكيم التجاري

التحكيم هو وسيلة رضائية لتسوية المنازعات يتفق بموجبها الأطراف على إحالة نزاعهم إلى محكم واحد أو أكثر (هيئة تحكيم) يصدرون قرارًا ملزمًا (حكم التحكيم). في المغرب، يخضع التحكيم التجاري للقانون رقم 08-05 بتاريخ 21 فبراير 2006، المعدل والمكمل بشكل كبير بالقانون رقم 95-17 لعام 2017.

التنفيذ: يمكن للأطراف الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم إما عن طريق إدراج شرط تحكيم في عقدهم (قبل نشوء أي نزاع) أو عن طريق إبرام اتفاق تحكيم (بمجرد نشوء النزاع). يمكن أن يكون التحكيم محليًا (إذا كانت جميع عناصر النزاع موجودة في المغرب) أو دوليًا (خاصة إذا كان أحد الأطراف أجنبيًا أو إذا كانت مصالح التجارة الدولية على المحك). تقدم مراكز التحكيم المؤسسية، مثل مركز الدار البيضاء الدولي للوساطة والتحكيم (CIMAC) التابع لغرفة التجارة الدولية المغربية، قواعد تحكيم وتدير الإجراءات، مما يسهل العملية.

المزايا والعيوب: المزايا الرئيسية للتحكيم هي:

  • السرعة: غالبًا ما تكون الإجراءات أقصر مما هي عليه في المحاكم الحكومية (بضعة أشهر بشكل عام).
  • السرية: تكون الإجراءات وحكم التحكيم سرية، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
  • اختيار المحكمين: يمكن للأطراف اختيار محكمين معروفين بخبرتهم في المجال ذي الصلة بالنزاع.
  • المرونة: يمكن للأطراف تكييف القواعد الإجرائية وفقًا لاحتياجاتهم. أحكام التحكيم، سواء كانت محلية أو دولية (بعد أمر التنفيذ)، قابلة للتنفيذ. يسمح القانون المغربي بمراجعة قضائية محدودة للحكم من قبل محكمة الاستئناف (بشكل أساسي لأسباب إجرائية أو اختصاصية) قبل تنفيذه. المغرب طرف في اتفاقية نيويورك لعام 1958 بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها، مما يسهل تنفيذ الأحكام الدولية. غالبًا ما يكمن العيب الرئيسي للتحكيم في تكلفته، التي يمكن أن تكون أعلى من محاكمة المحكمة الحكومية بسبب أتعاب المحكمين والتكاليف الإدارية لمركز التحكيم. علاوة على ذلك، فإن خيارات الاستئناف ضد حكم التحكيم محدودة (بشكل أساسي دعوى إبطال لأسباب صارمة، وليس استئنافًا بشأن الوقائع).

الوساطة وغيرها من وسائل تسوية المنازعات البديلة (ADR)

إلى جانب التحكيم، يتم تشجيع وسائل تسوية المنازعات البديلة الأخرى (ADR). الوساطة، على سبيل المثال، هي عملية طوعية يساعد فيها طرف ثالث محايد ونزيه (الوسيط) الأطراف على إيجاد حل تفاوضي لنزاعهم بأنفسهم. يقدم مركز الدار البيضاء الدولي للوساطة والتحكيم (CIMAC) ومنظمات أخرى أيضًا خدمات وساطة. كما يتم توفير إجراءات توفيق قضائي داخل المحاكم.

توصية: يوصى بشدة بتضمين شرط تسوية المنازعات في العقود التجارية، مع تحديد الطريقة المفضلة للتسوية (وساطة مسبقة، تحكيم، اختصاص قضائي)، ومكان التسوية، وربما القانون الواجب التطبيق. قد ينص شرط نموذجي على ما يلي: "أي نزاع ينشأ عن هذا العقد أو يتعلق به يُحال، بناءً على اختيار المدعي، إما إلى المحكمة التجارية بالدار البيضاء أو إلى التحكيم من قبل مركز الدار البيضاء الدولي للوساطة والتحكيم (CIMAC) وفقًا لقواعده السارية وقت تقديم طلب التحكيم."

لفهم أوسع للجوانب القانونية الحاسمة لأي استثمار في المغرب، راجع دليلنا الشامل: الإطار القانوني لممارسة الأعمال التجارية في المغرب: دليل المستثمر. لمعرفة المزيد حول صياغة الاتفاقيات الفعالة، راجع مقالنا حول البنود الأساسية في العقود التجارية المغربية.

هل تحتاج إلى استشارة قانونية مخصصة؟

محامونا المتخصصون متاحون لمساعدتك في جميع إجراءاتك القانونية في الدار البيضاء والمغرب.

احصل على استشارة قانونية